google.com, pub-6424298476279500, DIRECT, f08c47fec0942fa0 A to Z world wide news: " ألف خير".. عملة أطفال الشوارع في لبنان

Saturday, February 20, 2016

" ألف خير".. عملة أطفال الشوارع في لبنان

قيمتها 1000 ليرة.. وتحمي المحتاجين من الاستغلا

بهدف حمايتهم من الاستغلال، أطلقت في لبنان مؤخراً عملة خاصة بالمتسوّلين، لا سيما الصغار منهم، بقيمة نقديّة واحدة ممهورة بعبارة »ألف خير«، وهي غير قابلة للصرف إلا في أماكن محدّدة.. وهذه المبادرة لم تأتِ من العدم، بل اقتضاها فعل سبحة المشاهد التي تكرّ يومياً لأطفال ينتمون إلى جماعات تدفعهم إلى التسوّل، وترسم لهم خطّ حياة خطِرة من دون سقف أو حقوق.
كل ما يتّقنونه، بمنزلة رأس مالهم الضئيل، كلمات جاهزة حفِظت غيباً لمهنة ترتكز على أصول تقنيّة وفنيّة، أو علبة علكة لرفع العتب ولتمويه التسوّل بـ»التجارة الحرّة«، أو »فوطة« لمسح الزجاج، أو وردة.. والقاسم المشترك بينهم واحد: جميعهم مجبرون على التسول.
أما علاماتهم الفارقة، فهي الثياب الممزّقة وطلاقة اللسان. وما يوحّدهم هو أنهم كلهم أطفال لم يعرفوا من طفولتهم سوى البحث عن المال خوفاً من العقاب، لدى عودتهم إلى حيث يبيتون ليلهم »بلا ولا شيء«!
يجوبون الشوارع ليل نهار.. يتمركزون عند المستديرات وإشارات السير.. يترصّدون العابرين بأعين تفيض بالبراءة الحزينة الممزوجة بالذلّ والضعف في آن.. وجوههم الشاحبة وأقدامهم الحافية وأجسادهم المتّسخة تدلّ على أنهم خارج سياق سلطة أهلهم أو الأوصياء على الأغلب.. وحده »المعلّم«..
والذي غالباً ما يكون من الأقارب، وذا خبرة في قيادة »العصابات«، يتزعّمهم ويجمعهم كل مساء في باص صغير، يمون عليهم، ولا يكتفي بذلك لأنه هو الآمر الناهي في أصغر التفاصيل، وخصوصاً عندما يتعلّق الأمر بـ»غرباء« يقتحمون عليهم واقعهم..
فالتعليمات تبدو مشدّدة في هذا الجانب.. لذا لم يتردّد أحدهم عند سؤاله عن سبب وقوفه في مكان ما: »ما خصّك«.. وهنا تبدو الخصوصيّة الفرديّة إحدى ضرورات العمل، إذ إن الخيار المطروح لمن يتعامل معهم: إما التبرّع وإما الصمت!
دوافع وتفاصيل
ومن حين إلى آخر، يرتاح اللبنانيون إلى تطمينات يطلقها مسؤولون معنيّون، ولا سيما في وزارة الشؤون الاجتماعية، ومفادها: لن يكون هناك بعد الآن أطفالٌ متسوّلون، القرار اتُّخذ والتساهل ممنوع.. وعادةً ما تترافق هذه التطمينات مع عزم تعقده القوى الأمنية لوضع حدّ للظاهرة المجرَّمة قانوناً..
هي تتلقّى أمر العمليات من المعنيّين في وزارة الشؤون الاجتماعيّة، لكن نيّاتها تصطدم بحائط الواقع، إذ لا يوجد متّسع من المكان لـ»المجرمين الصغار« في دور رعاية الأطفال!
وما بيـــــن الواقــــع والمرتجى، وإلى أن تصير الدولة، بمؤسّســــاتها ووزاراتهــــا، قادرة على إيواء الأطفال وتحويلهم إلى قدرات بشرية، بدل أن يكونوا ضحايا و»فطريات« اجتماعية تعيش على ظهور العابرين، بادرت الشركة الإعلانيّة »جاي والتر طومسون«، أواخر العام الفائت، إلى طرح مبادرة »ألف خير« على إدارة »إيبر ماركت بو خليل«..
والتي رحّبت بالفكرة وبادرت إلى تنفيذها مطلع العام الجاري، وذلك في خطوة على طريق حلّ مشكلة أطفال الشوارع، على اختلاف جنسياتهم، للحدّ من استغلالهم.
»وألف خير« تساوي قيمتها ألف ليرة لبنانية، ولا يمكن صرفها إلا داخل هايبرماركت بوخليل المنتشرة في عدد من المناطق اللبنانية، أو في صيدلية فارما لايف في محلّة الحازمية (قضاء بعبدا- جبل لبنان).
وذلك، عبر استبدالها بما يحتاجه المتسوّل من مأكولات ومشروبات وأغراض منزليّة وحاجات النظافة الشخصية، أو الحصول على دواء من الصيدلية المذكورة بناءً على وصفة طبيّة قانونيّة.. علماً أن الدخان غير داخل ضمن المبادرة، وهو متوفر فقط للزبائن فوق 15 عاماً.
وهذه الطريقة المبتكرة، بحسب مدير عام الـ»إيبرماركت« شوقي بوخليل، تساهم في تقديم الحاجات الأساسية لأطفال الشوارع، بدلاً من إعطائهم المال، الذي قد يذهب إلى شبكات تستغلّهم، أو إلى أسرهم اليائسة التي ليس لديها وسيلة أخرى لتغطية نفقاتها.
ومحبّو الأعمال الخيرية يحصلون على العملة الجديدة المتوفرة للبيع من خلال رزم (كل رزمة تتضمّن خمس ورقات)، من أماكن محدّدة، من أجل توزيعها على المتسوّلين وبعض المحتاجين. أما عائدات الأرباح من وراء مبيعات »ألف خير«، فتقدّم مباشرة إلى إحدى المؤسّسات الأهليّة المعنيّة بمساعدة أطفال الشوارع.
مسؤولية جماعية
يرى مختصون أن »حل مشكلة أطفال الشوارع مسؤولية جماعية تتحملها مجموعة وزارات مع أجهزة الأمن وجمعيات المجتمع الأهلي«، مشددين على ضرورة تخصيص القسم الأكبر من الأموال التي تخصص لهذه الغاية لإنشاء مؤسسات اجتماعية تعنى بالطفولة، مشيرين إلى أن »انتشار أطفال الشوارع قضية طويلة الأمد وتشكل تحدياً مستمراً «.

No comments: